Last updated on August 1, 2022
كان ياماكان
في كل بيت من هذا الزمان.. كان البيوت متشابهة، بأثاثها و أناسها. قد تتغير بعض التفاصيل ولكن المجمل واحد
في هذا الزمان ، كانت الكنبة هي مركز الاحداث، تتمركز حولها كل القعدات و المناقشات، و عليها تجد البنت حضن أمها، تخبرها عن هذا الفتي الذي حاول ملاطفتها
تستمع الام في حنو وتنصحها
نفس الكنبة تشهد الزوج واضعا رأسه علي حجر نفس الزوجة، تستمع الي همومه بصبر وتفهم. الام في هذا الزمان كانت سند و شريكة درب
نفس الكنبة قد تشهد العكس، الزوج هو مصدر الحب لزوجته المنهكة في عملها اليومي بالاضافة الي هموم المنزل و الاولاد
واخيرا نفس الكنبة تحوي جميع افراد الاسرة ، في ليلة شتوية ممطرة، و ريح الاسكندرية يعوي بالخارج، انه آوان نوة الفيضة الكبيرة التي نادرا ماتخيب ناظريها، وتغرق فيها الاسكندرية و تتلامس الاكتاف طمعا في الدفء، وهم يشاهدون فيلما عربيا في السهرة. لايمنع من تواجد اكياس اللب و السوداني لزوم السهرة
تنتهي السهرة ، يترك الجميع الكنبة، كلٍ الي غرفته تاركين الكنبة وحدها ومازال يشع منها دفء من جلسوا عليها
وان فتحنا سحارة هذه الكنبة نجد فيها قصاصات من ذكريات اسرة بنيت علي الحب، تجد فستان فرح الام،كان ابيض اللون يوما ما، الان تحول الي الاصفرار بفعل الزمن. هناك ايضا بنطلون زوجها الجينز ، اشتراه مرة في لحظة تهور، وايقن سريعا انه لن يلبسه، كذلك نجد بعضا من العاب قديمة للاطفال في اعمارهم المختلفة . سحارة الكنبة تمتلك بداخلها شريط حي من ذكريات الاسرة
وتمر سنين، تكبر البنت و تتزوج يمرض الزوج ويموت، بعد حياة مليئة بالكفاح، البنت تزوجت و الابن كذلك، استقلا بحياتهما
ويأتي دور جديد للكنبة، نفس الكنبة. مع تقدم سن الجدة، تأتي لتعيش مع ابنتها ماتبقي لها من عمر. الجدة تحتاج من ترعاها، و ابنتها اصبحت وحيدة
برغم توفر حجرات الاولاد ، تصر الجدة ان تتخذ من الكنبة سريرا ، وتدور حكاوي و اجترار لذكريات الجدة مع الجد المتوفي من زمن سحيق
انها نفس الكنبة، تحوي في طياتها ذكريات و اسرار اجيال واجيال
تمر شهور والجدة تنام عليها، و في يومٍِ مشمس،تطلب الجدة من بنتها ان توارب البلكونةً قليلا كي تكسر حدة ضوء الشمس طمعا في قيلولة بعد الغذاء
تغلق الجدة الطيبة عينيها علي الكنبة و تنام نوم عميق
نوم لا تستيقظ منه. اسلمت روحها لخالقها و ذهبت في دعة وهدوء شاكرة لبنتها حسن استضافتها في اواخر ايامها
كانت الكنبة و ستظل مركز العيلة و مصدر الاستقرار
تمت