Press "Enter" to skip to content

فندق سيسيل

الزمان: العام الدراسي ١٩٨٠

المكان : كلية الاداب – مكان مشمس اسمه (السطح)

بدأت تتكون مجموعة صداقة جديدة تجمع طلاب من كلية التجارة و اخر من كلية الحقوق، مع عدد من طالبات كلية الاداب من الاقسام المختلفة. تمر الايام وتستمر بعض من هذه الصداقات لسنين عدة، سنتطرق لهذا لاحقا.

هناك طالب التجارة الذي ينتمي وجدانيا لاداب قسم لغة انجليزية و يدعي هاني، وطالب اخر ينتمي لكلية الحقوق المزدحمة دائما اسمه اسامة.

كلا الصديقان يأتيان الي هذا المكان هربا من دراسة لا يحبونها.

لم يستلطفا بعضهما في البداية، كأي بداية.

لم يمر الكثير من الوقت وبدأت الصداقات بين هذه المجموعة ان تقوي ولامانع كذلك من نمو بعض من علاقات الحب البرئ.

بدأ اسامة وهاني في أكتشاف الجوانب المتشابهة من شخصيتهما وكذلك كيف يكملا بعضهما.

احدهما مهرجا يهوي ان يكون مركز الحديث و قادر علي تحويل دفة الاهتمام ناحيته بنكاته السخيفة، بينما الاخر بشخصيته الوقورة يفضل ان ينتحي جانبا ويلاحظ ديناميكية المجموعة.

اسامة كان وسيما طويلا كلاسيكياً في ثيابه التي تنم عن ذوق ورقي بدون بذخ. كان ايضا مدخنا شرهاً.

في هذا الزمن، كانت وسيلة التواصل هي التليفون العتيق. انتهي العلم الدراسي الاول.

كانت احلامهما مشتركة، ومن ضمن هذه الاحلام ان يتوفقا في عمل مناسب خلال عطلة الصيف ليتمكنا من توفير بعض الاموال لصرفها خلال العام التالي.

رن جرس الهاتف يوما صباحا في منزل هاني، كان اسامه الذي صاح في اذن صديقه ، سائلا صديقه بأن يرتدي ملابس انيقة و يقابله خلال ساعة في فندق سيسل، فهو قد وجد عملا لهما هما الاثنين. استفسر منه عن طبيعة العمل ، هل هو عمل في الفندق العريق.

تخيل هاني لوهله عمله في سيسل و تعاملاته مع بنات اجانب.

ابلغه اسامة ان العمل ليس بسيسل نفسه بل مع شركة ايڤيس لتأجير السيارات، بدعة جديدة من بدع بوادر انفتاح الثمانينات. شركة ايفيس كانت تحتاج عدد من السائقين اللبقين المتحدثين للغة الانجليزية ليحضروا السيارات من جاراج الشركة الي العميل قبالة قندق سيسل، يالها من فرصة ذهبية لهذين الشابين.

تفحصهما المدير المنوط بالعمل، نظرة سريعة علي منظرهما و عدة اسئلة اسرع ثم قال لهما سأتصل بأسامة خلال ايام لاخبره بميعاد بدء العمل.

كان هذا عام ١٩٨٠ و لم تأتي هذه المكالمة حتي الان.

مرت اعوام، توطدت صداقة اسامة و هاني ومرت بينهما خبرات كثيرة ساعدت علي هذا.

انتهت الجامعة و دخلا الجيش. بمجرد انتهاء الجيش كان هاني قد اختار طريق الهجرة والسفر، بينما آثر اسامة البقاء لمراعاة امه و اباه كبار السن.

في ذلك الوقت كان من السهل ان يفقد الصديق لصديقه ، وهذا ماحدث.

كانت الاخبار تتواتر كل فترة، هاني قد استقر وبدأ حياته في الخارج، بينما اسامة ايضا بدأ حياته، احب و ارتبط و تزوج بمن احب بعد قصة حب قوية.

من جمال هذه المجموعة انهم حاولوا التواصل علي مدار السنين.

في احدي زيارات هاني الي الاسكندرية ، قرر ان يدرس احتمالية الرجوع الي بلده بعد سنوات من الغربة،

قرر البحث عن عمل في الاسكندرية، وفي احدي المقابلات في احدي الشركات اكتشف ان صديقه القديم اسامة يعمل مديرا في نفس الشركة، لاقاه مصادفة.

بعد عناق حار، استفسر اسامة عن سبب وجود صديقه وحين علم بامر المقابلة، انتحي بصديقه ونصحه بألا يكون غبيا، و يكمل حياته في الخارج طالما بدأها بالخارج وقد كان.

وتمر حفنة اعوام اخري، وفي اجازة اخري، واثناء زيارة اخري لاسكندريته، وهو يزور صديقته الصدوق هي وزوجها، اخبرته بأن اسامة قد توفاه الله.

لم يصدق الخبر ، صعق برغم معرفته المسبقة بحالة قلب صديقه الضعيف.

اسامة توفي و عنده طفل صغير لا يتعدي السنتين من عمره، ولا احد حتي يعرف اسمه.

بقيت ذكري اسامة حاضرة في اذهان من تبقي من المجموعة، حاولوا مرارا وتكرارا الوصول الي اسرته ولم يستطع احد.

يمر ٤٠ عاما علي هذه الصداقة، يجيء اتصال لهاني من نفس الصديقة الصدوقة التي اخبرته انها وجدت ابن اسامة علي شبكات الاتصال.

صورة طبق الاصل من ابيه، يجئ القدر ليقول كلمته ويقرر ان الصداقة الحقة ممتدة عبر الاجيال.

اسئلة كثيرة تدور في عقل الصديقين، هل من العقل ان يتواصلا مع الابن، هل سيرحب ؟

لا تقلق يا صديقي لقد وصلنا الي ابنك ،

#برديسيات