بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية في منتصف الثمانينات، دخلت الجيش. قضينا فترة التدريب الاولي في معسكرات مدينة نصر. طبعا منتهي امل اياً منا ان نفوز بتصريح اجازة اخر الاسبوع حتي نعود الي اسكندريتنا الحبيبة.
من معسكرات مدينة نصر الي محطة القطار نعد خلالها الدقائق حتي تظهر محطة سيدي جابر في الافق ونبدا في استنشاق رائحة الهواء المشبع باليود. لحظتها تدب الحياة في وجوهنا.
ننتهل من اسكندرية مانستطيع و نعود ونلتقي مجددا في سيدي جابر يوم الجمعة مساءاً لنبدا رحلة العودة، وشتان الفارق بين الرحلتين. بالنظر لهذه المرحلة، احساس الفقد كان للبعد عن اسكندرية اكثر من انه الرجوع لبهدلة معسكرات التدريب.
ويأتي فبراير ١٩٨٦ ومعه نتعرض لما سيعرف لاحقا باسم مظاهرات الامن المركزي، وقتها تم منعنا من الخروج للاجازات لتواجد معسكراتنا بجانب الامن المركزي.
المهم تم التوزيع للوحدات، وجدت نفسي متجها الي مرسي مطروح ، قضيت هناك عدة اشهر و بعدها تم النقل الي قاعدة راس التين.
قضينا الفترة المتبقية في راس التين، كان مكتب محترم ، عوملنا باحترام. كان رئيسنا المباشر، ملازم اول كبير السن اسمه عم راغب ، كان يعرف اننا مجندين مؤهلات، باقي لنا اشهر معدودات و نتركه فعاملنا كاولاده. نمر عليه في منزله خلف جيلاتي عزة و ناخذه معنا في طريقنا للوحدة.
عم راغب كان صياد محترف، بحكم تواجده في القاعدة البحرية كان يصطاد سمك من خلف القاعدة الغنية بأسماكها، اصبحت عادة ان ناخذ مايصطاده حتي وان لم نحتاجه، لايمنع من توزيعه علي من نحب.
ومرت الاشهر ونخرج الي الحياة العملية، سافر منا من سافر و بقي من بقي.
وتبقي ذكريات عم راغب واسماكه وطيبة قلبه.
لعله مازال محتضنا سنارته وبجانبه اسماكه التي لاتنتهي
رحمك الله ياراجل ياطيب حياً او ميتاً
الناس الطيبة تترك علامات مضيئة في حياتنا