Press "Enter" to skip to content

الفول و الفلافل

في منتصف الستينات، يأتي يوم الجمعة بطقوسه البسيطة المتمشية مع هذا الوقت.

اسرة سكندرية متوسطة، الاب يعمل في القاهرة و يأتي ليقضي عطلة الاسبوع مع زوجته وولديه، غالبا ما يدخل المنزل يوم الخميس ليلا ويكون الولدان في نوم عميق.

تستيقظ الاسرة ويجد الولدان ابوهما بينهما، تبدأ مرحلة اللعب و حرب المخدات الاسبوعية بينهم، يحمي وطيس اللعب و ينقلب السرير الكبير الي حلبة مصارعة.

بعد حرب المخدات، تبدأ الاسرة في مناقشات الافطار.
يتسابق الولدان علي الذهاب الي عم احمد بائع الفول و الفلافل الوحيد خلف المنزل.

المكان دائما مزدحم باطفال المنطقة، كل منهم فى يده اناء او طبق للفول، عصر ما قبل الاكياس البلاستيكية يا سادة.

يختلط الزبائن مابين فول و فلافل او كلاهما. لا يوجد طابور معين بطبيعة الحال. تدافع و تتعالي الصيحات.

طاسة الفلافل السوداء ملئانة بزيت يغلي، احد غلمان عم احمد المنوطين بوضع الفلافل في الزيت يعمل باقصي طاقته.

وبنظرة الخبير الاكتواري يتفحص هذا المساعد وجوه الزبائن و ينتقي أحدهم ليعطيه أحد أهم المهام في العملية الفلافلية الاسبوعية، يختار احدهم و يعطيه سيخا رفيعا طويلا يستخدم لتقليب حبات الفلافل في الزيت علي الوجه الاخر.

هذه عملية من ادق ماتكون ، لابد و ان تقلب في الوقت المناسب قبل ان تحترق، ياويلك ان قلبت احدي الحبات و كانت محروقة او لم تستو بعد، ينظر اليك المساعد شزرا و ان تكررت الغلطة يأخذ منك السيخ و يعطيه لاحد الاطفال الموجودين. غصة و جرسة لا بعد لها.

بالطبع يبذل الطفل اقصي ما بوسعه و يندمج في القلب والتقليب، وينسي الطفل ما قد جاء اليه اساسا، نسي انه هناك لشراء فول و فلافل الافطار لاسرته.

يعود طفلنا بعد مايزيد عن الساعة الي اسرته، رافع الرأس منتصرا مزهوا. فهم قد ادي واجبه تجاه العملية الفلافلية.

تنظر الام الي وجه ابنها المندي بالعرق من وجوده بجانب طاسة الزيت السوداء وتفهم تماما ماحدث ، تخفي ابتسامتها وتنهر طفلها علي تأخره في احضار الافطار.

زمنٌ ولىّ بجماله و بساطته

“عم احمد .. ١٠ قروش فلافل و ه قروش محشية وبريزة فول لو سمحت”

برديسيات

جلدة_الكتاب